ابو الحسن علي بن ميمون
صفحة 1 من اصل 1
ابو الحسن علي بن ميمون
وهذا تعريف بأحد أعلام هذه السلسلة (أبناء أبوبكر بن عطاء الله) وهو السيد ابو الحسن علي بن ميمون الغماري كما جاء ذكر ه في أحد المواضيع على الانترنت يعرف بتاريخ التعليم بجامعة القرويين :
ولدينا وثيقة مهمة جداً عن سير الدراسة وبرامج التعليم ومناهجه في القرويين على عهد الوطاسيين وهي (الرسالة المجازة في معرفة الإجازة) التي ألفها الصوفي المغربي الكبير أبو الحسن علي بن ميمون المولود سنة (854 هـ) الذي درس بفاس سنة (887 هـ)، ويذكر المؤلف أنه أقام بفاس أيام الوطاسيين ذاكراً أنه أقام بفاس بقصد الدراسة في القرويين طيلة أربعة عشرة سنة، حيث أقام في بعض مدارسها ثم خرج قاصداً الحجاز وجال في الشام واستوطن في الأخير مدينة بورصة بتركيا، وكان صوفياً سنياً واشتهر بهذه السيرة وهذا المذهب وتصدى للرد على خصومه في عصره، ثم رجع إلى الشام حيث توفي بها سنة (917 هـ) وترك مؤلفات أهمها "الرسالة المجازة" وكتاب "بيان غربة الإسلام" وهي في الرد على مفتقرة أهل مصر والشام
وهذه صورة شجرة الشيخ علي بن ميمون الغماري من كتاب الناشر لمحاسن من كان بالمغرب في القرن العاشر لابن عسكر:
[URL="http://aladdarssah.com"][/URL]
ولدينا وثيقة مهمة جداً عن سير الدراسة وبرامج التعليم ومناهجه في القرويين على عهد الوطاسيين وهي (الرسالة المجازة في معرفة الإجازة) التي ألفها الصوفي المغربي الكبير أبو الحسن علي بن ميمون المولود سنة (854 هـ) الذي درس بفاس سنة (887 هـ)، ويذكر المؤلف أنه أقام بفاس أيام الوطاسيين ذاكراً أنه أقام بفاس بقصد الدراسة في القرويين طيلة أربعة عشرة سنة، حيث أقام في بعض مدارسها ثم خرج قاصداً الحجاز وجال في الشام واستوطن في الأخير مدينة بورصة بتركيا، وكان صوفياً سنياً واشتهر بهذه السيرة وهذا المذهب وتصدى للرد على خصومه في عصره، ثم رجع إلى الشام حيث توفي بها سنة (917 هـ) وترك مؤلفات أهمها "الرسالة المجازة" وكتاب "بيان غربة الإسلام" وهي في الرد على مفتقرة أهل مصر والشام
وهذه صورة شجرة الشيخ علي بن ميمون الغماري من كتاب الناشر لمحاسن من كان بالمغرب في القرن العاشر لابن عسكر:
[URL="http://aladdarssah.com"][/URL]
عدل سابقا من قبل Admin في السبت أغسطس 14, 2010 11:14 pm عدل 1 مرات
رد: ابو الحسن علي بن ميمون
جاء في كتاب الكواكب السائراة في اعلام المائة العاشرة
قلت: وكان ممن اصطحب به شيخ الإسلام الجد - رضي الله تعالى عنه - وكان يحضر سيدي علي بن ميمون دروسه ومجالسه، فكان الجد - رضي الله تعالى عنه - يقول لابن ميمون حين يحضر عنده: يا سيدي علي أمسك لي قلبي. أمسك لي قلبي، وممن اجتمع به شيخ الإسلام الوالد، وكان يومئذ في سن الثماني أو التسع لكنني لم أتحقق عنه أنه أخذ عنه شيئاً، أو لم يأخذ عنه، وكان شيخنا الشيخ حسن الصلتي المقري يذكر أنه رأى سيدي علي بن ميمون، وحضر مجالسه، فعلى هذا يكون بحمد الله تعالى قد صحبنا في طريق الله تعالى من صحبه، ومن كراماته أنه حصلت بين رجلين من الفقراء المتجردين عنده منافرة، فخرج أحدهما على وجهه، فسمع الشيخ بذلك، فقال: لمن كان السبب في ذلك: إما أن تأتي به، وإما أن تذهب عني، فلم يلبث يسيراً إلا والذي خرج على وجهه قد دخل على الشيخ، وهو يبكي، وذكر أن الشيخ تشكل له في صورة أسد، وكان كلما توجه إلى طريق منعه من سلوكها، ومن كراماته أن المطر حبس بدمشق في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، فكتب سيدي علي بخطه درجاً إلى نائب دمشق سيبائي، فحضر النائب بالدرج إلى الجامع الأموي في يوم الجمعة رابع رمضان، فقرأه على مفتي دار العمل السيد كمال الدين بن حمزة، وقضاة القضاة الثلاثة الشافعي ابن الفرفور، والمالكي خير الدين، والحنبلي نجم الدين بن مفلح، فإذا فيه آيات من القرآن العظيم، وأحاديث من السنة في التحذير للترك ونحوهم من الظلم، ثم انتقل إلى الفقهاء والقضاة فحذرهم من أكل مال الأوقاف، ثم حث على الاستغفار، وذكر ما يتعلق بذلك، ومن نقل ذلك من السلف بحيث أن سيبائي ذرف دمعه فهم في أثناء قراءة الدرج وقع المطر، وجاء الله تعالى بالغيث كذلك ذكر هذه الواقعة ابن طولون، وأنا لا أشك في أنها كرامة ظاهرة، وانتقد ابن طولون على الدرج المذكور أن صاحب الترجمة تعرض فيه لذكر الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون وبذكر غيره، ولامهم فيه على ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنا أقول: لا انتقاد عليه في ذلك أصلاً، فإنه أراد النصيحة، وأظن أن الفتنة التي وقعت بين التقوي ابن قاضي عجلون، وابن أخته السيد كمال الدين، وبقية أعيان دمشق بسبب دم التربة كما تقدم شرحها في ترجمة السيد وغيرها أيضاً. إنما كانت بسبب توجه سيدي علي بن ميمون بقلبه عليهم، وتكدر خاطره، ويؤيد ذلك أن هدم التربة المذكورة كان في ثاني رمضان المذكور، ثم استفتي الشيخ تقي الدين في هذه الأيام في هذه الواقعة، وأفتى بعدم الهدم، ثم هاجت الفتنة بعد ذلك، وانتشر شرها، وتطاير شررها حتى طلب الشيخ تقي الدين وابن أخته وآخرون إلى السلطان الغوري بمصر، وصودروا بأموال كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم رأيت ابن طولون ترجم سيدي علي بن ميمون في التمتع بالأقران، وذكر من مصنفاته " بيان فضل خيار الناس، والكشف عن مكر الوسواس " ، و " الرسالة الميمونية، في توحيد الجرومية " ، و " بيان غربة الإسلام، ورسالة الإخوان، من أهل الفقه وحملة القران " ، و " كشف الإفادة، في حسن السيادة " ، و " مواهب الرحمن، في كشف عورات الشيطان " ، وغير ذلك، وقال: قدم دمشق فتلقاه الشيخ عبد النبي، وأنزله بحارة السكة بالصالحية، وهرع للسلام عليه طلبة العلم والفضلاء والعلماء والقضاة والأمراء، وصار يسأل كلاً عن اسمه، وينهاه عن ذكره اللقب إن ذكره، ثم عن حرفته ويوصيه بتقوى الله تعالى، ثم يوجه نفسه إلى القبلة، ويرفع يديه إلى وجهه ويقرأ له الفاتحة، ويدعو له ويصرفه، وإن رأى في ملبسه شيئاً منكراً ذكره. قال: ثم عقد للتسليك مجلساً في منزله، فتلمذ له خلق من المذاهب الأربعة كالشيخ عبد النبي من المالكية، والشمس ابن رمضان من الحنفية، والشهاب بن مفلح من الحنابلة، والزين الحموري من الشافعية، وآخر من تسلك على يديه منهم القاضي أبو عبد الله محمد بن عراق، وشاع ذكره وبعد صيته، وصار كلامه مسموعاً عند الأمراء خصوصاً نائب الشام سيبائي، ولهم فيه اعتقاد زائد، ثم قال ابن طولون: اجتمعت به وسلمت عليه، ثم ترددت إلى مجلسه، فما رأت عيني أعظم شأناً منه لكنه كان يستنقص الناس، وقال أحياناً: ما رأيت في هذه المملكة أعلم من ابن حبيب الصفدي. قال: وكان ابن حبيب مشهوراً بمحبة ابن العربي، ويتبجح بها انتهى.
(1/173)
________________________________________
قلت: وما ذكره عن أنه كان يستنقص الناس هذا إنما كان من سيدي علي بن ميمون على سبيل التنهيض لمن يستنقصه، وينكر عليه لا على سبيل احتقار الناس واستصغارهم، وتأييد نفسه عليهم، ومن كرامات ابن ميمون - رضي الله تعالى عنه - أيضاً ما ذكره الشيخ علوان في شرح تائية ابن حبيب أن رجلاً من أعيان دمشق وفضلائها في العلم والتدريس. قال: فبلغني أنه تفرس فيه أنه لا يكون منه نتيجة، وكان ذلك بعد أن تجرد ذلك الرجل وارتكب أنواعاً من الرياضة والمجاهدات، وحكى سيدي محمد ابن سيدي علوان في تحفته. قال: أخبرني شفاهاً جمع ممن سكن قرية مجدل معوش التي هي قرية الشيخ، وقبره فيها أنه كان في جوارهم، وفي قريتهم كروم قد يبست أغصانها، وفسدت عروقها، وتعطلت بالكلية، فمذ حل الشيخ المذكور بتلك الأراضي عادت الأراضي المجدبة مخصبة، وعادت أشجار العنب المذكورة أيضاً إلى أحسن ما يكون، وأينعت ثمارها. قال: وهي مستمرة من ذلك الآن إلى هذا الزمان، ولم يعرف ذلك إلا من بركته، وذكر أيضاً أن بعض أهل العلم حكى له، وقد توجه لزيارة قبر سيدي علي بن ميمون - رضي الله تعالى عنه - في سنة سبع وثلاثين وتسعمئة فقال: إن من غريب كرامات من أنتم متوجهون لزيارته، ما شاهدته بعيني ذلك أن رجلاً من الأجناد أرسل كلباً قال: أو صقراً على غزال، فركضت الغزال حتى جاءت إلى الأرض التي هو مدفون فيها، فدخلتها واجتمعت في ظل الشيخ، فقيل للجندي: دعها فإنها قد فعلت فعل العائذ بقبر الشيخ، فلم يلتفت إلى مقالتهم، وجاء إليها وهي قائمة، فلم تبرح مكانها، حتى أمسكها الجندي بيده وذبحها وأكل من لحمها، فلما فرغ من أكله أخذه وجع في بطنه، واستمر حتى مات من ليلته، فلما غسل كان لحمه على المغتسل متقطعاً قطعاً حتى كأنه أكل شيئاً مسموماً قال: فعلمت أنا وغيري أن ذلك كله من بركة الشيخ انتهى.
وكان سبب انتقال سيدي علي بن ميمون من دمشق إلى مجدل معوش، وهي قرية من معاملة بيروت أنه دخل عليه، وهو بصالحية دمشق قبض، واستمر ملازماً له حتى ترك مجلس التأديب، وأخذ يستفسر عن الأماكن التي في بطون الأودية، ورؤوس الجبال حتى ذكر له سيدي محمد بن عراق مجدل المعوش، فهاجر إليها في ثاني عشر المحرم سنة سبع عشرة وتسعمائة. قال سيدي محمد بن عراق: ولم يصحب غيري، والولد علي، وكان سنه عشر سنين، وشخصاً آخر عملاً بالسنة، وأقمت معه خمسة أشهر، وتسعة عشر يوماً، وتوفي ليلة الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة، ودفن بها في أرض موات بشاهق جبل حسبما أوصى به. قال: ودفن بعده خارج حضرته المشرفة رجلان وصبيان وامرأتان، وأيضاً امرأتان وبنتان الرجلان محمد المكناسي، وعمر الأندلسي والصبيان عبد الله، وكان عمره ثلاث سنين، وموسى بن عبد الله التركماني، والامرأتان أم إبراهيم وبنتها عائشة زوجة الذعري، والامرأتان الأخريان مريم القدسية، وفاطمة الحموية، وسألته عند وفاته عن أمور منها: أين أجعل دار هجرتي؟ فقال: مكان يسلم فيه دينك ودنياك، ثم تلا قوله تعالى: " إن الذين توفاهم الملائكة " " سورة النساء: الآية 97 " وقال ابن طولون في حوادث سنة سبع عشرة وتسعمائة من تاريخه: ويوم الجمعة تاسع عشرته - يعني جمادى الآخرة - بعد صلاتها بالجامع الأموي نودي بالسدة بالصلاة غائبة على الشيخ العالم السيد علاء الدين علي بن ميمون المغربي. قال: وقد صح أنه توفي ليلة الخميس حادي عشرة بتل القرب من مجدل معوش، وبه دفن انتهى. ولم يختلف قول سيدي محمد بن عراق في السفينة، وقول ابن طولون، والشيخ موسى الكناوي أن سيدي علي بن ميمون توفي في ليلة الحادي عشر من جمادى الآخرة غير أن في كلام ابن طولون أنه كان يوم الخميس، وتقدم أنه كان يوم الاثنين، وقول ابن طولون أصح لأنه أرخ هو والحمصي وغيرهما مستهل جمادى المذكورة أنه كان يوم الاثنين، فيكون حادي عشرة يوم الخميس بلا شك رحمه الله تعالى
قلت: وكان ممن اصطحب به شيخ الإسلام الجد - رضي الله تعالى عنه - وكان يحضر سيدي علي بن ميمون دروسه ومجالسه، فكان الجد - رضي الله تعالى عنه - يقول لابن ميمون حين يحضر عنده: يا سيدي علي أمسك لي قلبي. أمسك لي قلبي، وممن اجتمع به شيخ الإسلام الوالد، وكان يومئذ في سن الثماني أو التسع لكنني لم أتحقق عنه أنه أخذ عنه شيئاً، أو لم يأخذ عنه، وكان شيخنا الشيخ حسن الصلتي المقري يذكر أنه رأى سيدي علي بن ميمون، وحضر مجالسه، فعلى هذا يكون بحمد الله تعالى قد صحبنا في طريق الله تعالى من صحبه، ومن كراماته أنه حصلت بين رجلين من الفقراء المتجردين عنده منافرة، فخرج أحدهما على وجهه، فسمع الشيخ بذلك، فقال: لمن كان السبب في ذلك: إما أن تأتي به، وإما أن تذهب عني، فلم يلبث يسيراً إلا والذي خرج على وجهه قد دخل على الشيخ، وهو يبكي، وذكر أن الشيخ تشكل له في صورة أسد، وكان كلما توجه إلى طريق منعه من سلوكها، ومن كراماته أن المطر حبس بدمشق في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، فكتب سيدي علي بخطه درجاً إلى نائب دمشق سيبائي، فحضر النائب بالدرج إلى الجامع الأموي في يوم الجمعة رابع رمضان، فقرأه على مفتي دار العمل السيد كمال الدين بن حمزة، وقضاة القضاة الثلاثة الشافعي ابن الفرفور، والمالكي خير الدين، والحنبلي نجم الدين بن مفلح، فإذا فيه آيات من القرآن العظيم، وأحاديث من السنة في التحذير للترك ونحوهم من الظلم، ثم انتقل إلى الفقهاء والقضاة فحذرهم من أكل مال الأوقاف، ثم حث على الاستغفار، وذكر ما يتعلق بذلك، ومن نقل ذلك من السلف بحيث أن سيبائي ذرف دمعه فهم في أثناء قراءة الدرج وقع المطر، وجاء الله تعالى بالغيث كذلك ذكر هذه الواقعة ابن طولون، وأنا لا أشك في أنها كرامة ظاهرة، وانتقد ابن طولون على الدرج المذكور أن صاحب الترجمة تعرض فيه لذكر الشيخ تقي الدين ابن قاضي عجلون وبذكر غيره، ولامهم فيه على ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنا أقول: لا انتقاد عليه في ذلك أصلاً، فإنه أراد النصيحة، وأظن أن الفتنة التي وقعت بين التقوي ابن قاضي عجلون، وابن أخته السيد كمال الدين، وبقية أعيان دمشق بسبب دم التربة كما تقدم شرحها في ترجمة السيد وغيرها أيضاً. إنما كانت بسبب توجه سيدي علي بن ميمون بقلبه عليهم، وتكدر خاطره، ويؤيد ذلك أن هدم التربة المذكورة كان في ثاني رمضان المذكور، ثم استفتي الشيخ تقي الدين في هذه الأيام في هذه الواقعة، وأفتى بعدم الهدم، ثم هاجت الفتنة بعد ذلك، وانتشر شرها، وتطاير شررها حتى طلب الشيخ تقي الدين وابن أخته وآخرون إلى السلطان الغوري بمصر، وصودروا بأموال كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم رأيت ابن طولون ترجم سيدي علي بن ميمون في التمتع بالأقران، وذكر من مصنفاته " بيان فضل خيار الناس، والكشف عن مكر الوسواس " ، و " الرسالة الميمونية، في توحيد الجرومية " ، و " بيان غربة الإسلام، ورسالة الإخوان، من أهل الفقه وحملة القران " ، و " كشف الإفادة، في حسن السيادة " ، و " مواهب الرحمن، في كشف عورات الشيطان " ، وغير ذلك، وقال: قدم دمشق فتلقاه الشيخ عبد النبي، وأنزله بحارة السكة بالصالحية، وهرع للسلام عليه طلبة العلم والفضلاء والعلماء والقضاة والأمراء، وصار يسأل كلاً عن اسمه، وينهاه عن ذكره اللقب إن ذكره، ثم عن حرفته ويوصيه بتقوى الله تعالى، ثم يوجه نفسه إلى القبلة، ويرفع يديه إلى وجهه ويقرأ له الفاتحة، ويدعو له ويصرفه، وإن رأى في ملبسه شيئاً منكراً ذكره. قال: ثم عقد للتسليك مجلساً في منزله، فتلمذ له خلق من المذاهب الأربعة كالشيخ عبد النبي من المالكية، والشمس ابن رمضان من الحنفية، والشهاب بن مفلح من الحنابلة، والزين الحموري من الشافعية، وآخر من تسلك على يديه منهم القاضي أبو عبد الله محمد بن عراق، وشاع ذكره وبعد صيته، وصار كلامه مسموعاً عند الأمراء خصوصاً نائب الشام سيبائي، ولهم فيه اعتقاد زائد، ثم قال ابن طولون: اجتمعت به وسلمت عليه، ثم ترددت إلى مجلسه، فما رأت عيني أعظم شأناً منه لكنه كان يستنقص الناس، وقال أحياناً: ما رأيت في هذه المملكة أعلم من ابن حبيب الصفدي. قال: وكان ابن حبيب مشهوراً بمحبة ابن العربي، ويتبجح بها انتهى.
(1/173)
________________________________________
قلت: وما ذكره عن أنه كان يستنقص الناس هذا إنما كان من سيدي علي بن ميمون على سبيل التنهيض لمن يستنقصه، وينكر عليه لا على سبيل احتقار الناس واستصغارهم، وتأييد نفسه عليهم، ومن كرامات ابن ميمون - رضي الله تعالى عنه - أيضاً ما ذكره الشيخ علوان في شرح تائية ابن حبيب أن رجلاً من أعيان دمشق وفضلائها في العلم والتدريس. قال: فبلغني أنه تفرس فيه أنه لا يكون منه نتيجة، وكان ذلك بعد أن تجرد ذلك الرجل وارتكب أنواعاً من الرياضة والمجاهدات، وحكى سيدي محمد ابن سيدي علوان في تحفته. قال: أخبرني شفاهاً جمع ممن سكن قرية مجدل معوش التي هي قرية الشيخ، وقبره فيها أنه كان في جوارهم، وفي قريتهم كروم قد يبست أغصانها، وفسدت عروقها، وتعطلت بالكلية، فمذ حل الشيخ المذكور بتلك الأراضي عادت الأراضي المجدبة مخصبة، وعادت أشجار العنب المذكورة أيضاً إلى أحسن ما يكون، وأينعت ثمارها. قال: وهي مستمرة من ذلك الآن إلى هذا الزمان، ولم يعرف ذلك إلا من بركته، وذكر أيضاً أن بعض أهل العلم حكى له، وقد توجه لزيارة قبر سيدي علي بن ميمون - رضي الله تعالى عنه - في سنة سبع وثلاثين وتسعمئة فقال: إن من غريب كرامات من أنتم متوجهون لزيارته، ما شاهدته بعيني ذلك أن رجلاً من الأجناد أرسل كلباً قال: أو صقراً على غزال، فركضت الغزال حتى جاءت إلى الأرض التي هو مدفون فيها، فدخلتها واجتمعت في ظل الشيخ، فقيل للجندي: دعها فإنها قد فعلت فعل العائذ بقبر الشيخ، فلم يلتفت إلى مقالتهم، وجاء إليها وهي قائمة، فلم تبرح مكانها، حتى أمسكها الجندي بيده وذبحها وأكل من لحمها، فلما فرغ من أكله أخذه وجع في بطنه، واستمر حتى مات من ليلته، فلما غسل كان لحمه على المغتسل متقطعاً قطعاً حتى كأنه أكل شيئاً مسموماً قال: فعلمت أنا وغيري أن ذلك كله من بركة الشيخ انتهى.
وكان سبب انتقال سيدي علي بن ميمون من دمشق إلى مجدل معوش، وهي قرية من معاملة بيروت أنه دخل عليه، وهو بصالحية دمشق قبض، واستمر ملازماً له حتى ترك مجلس التأديب، وأخذ يستفسر عن الأماكن التي في بطون الأودية، ورؤوس الجبال حتى ذكر له سيدي محمد بن عراق مجدل المعوش، فهاجر إليها في ثاني عشر المحرم سنة سبع عشرة وتسعمائة. قال سيدي محمد بن عراق: ولم يصحب غيري، والولد علي، وكان سنه عشر سنين، وشخصاً آخر عملاً بالسنة، وأقمت معه خمسة أشهر، وتسعة عشر يوماً، وتوفي ليلة الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة، ودفن بها في أرض موات بشاهق جبل حسبما أوصى به. قال: ودفن بعده خارج حضرته المشرفة رجلان وصبيان وامرأتان، وأيضاً امرأتان وبنتان الرجلان محمد المكناسي، وعمر الأندلسي والصبيان عبد الله، وكان عمره ثلاث سنين، وموسى بن عبد الله التركماني، والامرأتان أم إبراهيم وبنتها عائشة زوجة الذعري، والامرأتان الأخريان مريم القدسية، وفاطمة الحموية، وسألته عند وفاته عن أمور منها: أين أجعل دار هجرتي؟ فقال: مكان يسلم فيه دينك ودنياك، ثم تلا قوله تعالى: " إن الذين توفاهم الملائكة " " سورة النساء: الآية 97 " وقال ابن طولون في حوادث سنة سبع عشرة وتسعمائة من تاريخه: ويوم الجمعة تاسع عشرته - يعني جمادى الآخرة - بعد صلاتها بالجامع الأموي نودي بالسدة بالصلاة غائبة على الشيخ العالم السيد علاء الدين علي بن ميمون المغربي. قال: وقد صح أنه توفي ليلة الخميس حادي عشرة بتل القرب من مجدل معوش، وبه دفن انتهى. ولم يختلف قول سيدي محمد بن عراق في السفينة، وقول ابن طولون، والشيخ موسى الكناوي أن سيدي علي بن ميمون توفي في ليلة الحادي عشر من جمادى الآخرة غير أن في كلام ابن طولون أنه كان يوم الخميس، وتقدم أنه كان يوم الاثنين، وقول ابن طولون أصح لأنه أرخ هو والحمصي وغيرهما مستهل جمادى المذكورة أنه كان يوم الاثنين، فيكون حادي عشرة يوم الخميس بلا شك رحمه الله تعالى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى